خزانات ماء في الأنهار والكتل الجليدية
تعتبر الأنهار خزانات جيدة للماء، وعلى الرغم من مضي ملايين السنين على وجود هذه الأنهار فإن الماء لا يزال عذباً وصالحاً للشرب، والسرّ في ذلك هو أن هذا الماء في حالة حركة مستمرة، فالنهر هو وسيلة الاتصال بين الينابيع العذبة والمياه السطحية الناتجة عن الأمطار من جهة، وبين وماء البحر من جهة ثانية!
إذن هنالك تحول دائم من الماء العذب إلى الماء المالح وعلى الرغم من ذلك تبقى كميات المياه العذبة والمالحة متوازنة ولا يطغى هذا الماء على ذاك مع مرور آلاف الملايين من السنين !
إن الكتل الجليدية على سطح الأرض تشكل خزانات مياه عذبة تذوب وتتدفق من خلال الأنهار. وقد يتسبب تدفق هذه المياه في حدوث الفيضانات والكوارث مثل حدوث بعض الانزلاقات الأرضية
وتختلف كمية المياه المذابة من فصل لآخر حسب درجة حرارة الجو، وتكون كبيرة في أشهر الربيع. ولذلك فإن كمية المياه المذابة تؤثر على تدفق الأنهار وعلى كمية المياه الجوفية
خزانات مياه تحت الأرض!
عندما نزل أحد العلماء إلى منجم للفحم يبلغ عمقه تحت سطح الأرض أكثر من ألف متر اكتشف وجود مياه تعود لملايين السنين! هذه المياه تسكن تحت الأرض منذ ملايين السنين وفيها أحياء لا زالت تعيش وتتكاثر بقدرة الله تعالى.
والعجيب أن القرآن العظيم عندما حدثنا عن الماء استخدم كلمة دقيقة جداً من الناحية العلمية، يقول تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ [المؤمنون: 18].
وتأمل معي أخي القارئ كلمة ﴿فَأَسْكَنَّاهُ﴾ والتي تدل على المكوث لفترة طويلة، وهو ما نراه في المياه الجوفية ومياه الآبار والتي تبقى فترة طويلة ساكنة في الأرض دون أن تفسد أو تذهب أو تتفاعل مع صخور الأرض .
وهناك آية ثانية تشير إلى وجود خزانات ماء في الأرض، وهذه الخزانات لم يتم اكتشافها إلا حديثاً. يقول تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر: 22].
يقول ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: ﴿فأسكنَّاه في الأرض﴾: أي جعلنا الماء إذا نزل من السحاب يخلد في الأرض، وجعلنا في الأرض قابلية له تشربه ويتغذى به ما فيها من الحب والنوى
وصدق الله تعالى القائل: ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ فمن الذي أودع في الماء خصائص تجعله قابلاً للتخزين في الأرض آلاف السنين؟ ومن الذي أعطى لقشرة الأرض ميزات تجعلها تحتضن هذه الكميات الضخمة من المياه وتحتفظ بها؟ أليس هو الله عزّ وجلّ؟!
إن الأمطار المتساقطة على الأرض تتسرب إلى مسامات التربة والفراغات بين الصخور، وتُختزن لآلاف السنين. لذلك نرى العلماء حديثاً يهتمون بالمياه الموجودة تحت سطح الأرض كخزانات ضخمة وموارد محتملة للمستقبل. وهذا ما حدثنا عنه القرآن بقوله تعالى: ﴿وما أنتم له بخازنين﴾.
فصدق الله تعالى وصدق رسوله الذي بلَّغنا هذا القرآن الذي هو معجزة له ودليل قاطع وساطع أنه أُرسل خاتماً للرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
اكتشف العلماء أن الأرض تحوي خزانات ضخمة جداً من المياه على أعماق مختلفة، وهذه المياه تم تخزينها خلال آلاف السنين، وهذا ما حدثنا عنه كتاب الله تعالى بقوله: ﴿فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر: 22].
توزع الماء في الأرض
هناك نظام معقد ودقيق لتوزع المياه في الأرض، وقد وجد العلماء أن الماء موزع بين ماء ملح وماء عذب على الشكل الآتي:
تبلغ كمية الماء على الأرض 1385 مليون كيلو متر مكعب، وتتوزع هذه الكمية كما يلي :
1338 مليون كيلو متر مكعب في البحار والمحيطات Oceans, Seas, & Bays.
24 مليون كيلو متر مكعب في الجبال الجليدية والبحار المتجمدة Ice caps, Glaciers, & Permanent Snow.
23.4 مليون كيلو متر مكعب مياه جوفية Groundwater.
16.5 ألف كيلو متر مكعب رطوبة في التربة Soil Moisture.
300 ألف كيلو متر مكعب جليد أرضي Ground Ice & Permafrost.
176.4 ألف كيلو متر مكعب بحيرات Lakes، وتنقسم هذه البحيرات إلى بحيرات عذبة كمية المياه فيها 91 ألف كيلو متر مكعب، وبحيرات ملحة تحوي 85.4 ألف كيلو متر مكعب من الماء المالح.
12.9 ألف كيلو متر مكعب من المياه موجودة في الغلاف الجوي Atmosphere على شكل بخار ماء.
11.47 ألف كيلو متر مكعب من الماء موجودة في المستنقعات Swamp Water.
2.12 ألف كيلو متر مكعب أنهار Rivers.
1.12 ألف كيلو متر مكعب في أجسام الكائنات الحية Biological Water.
إن البحار والمحيطات والأنهار والبحيرات تنتج بعملية التبخير أكثر من 90 % من الرطوبة في الهواء المحيط بنا. أما الـ 10 % الباقية من الرطوبة في الجو فتنتج من تعرق النباتات، حيث يأخذ النبات حاجته من الماء من التربة، ثم يطرح قسماً من هذا الماء على شكل بخار ماء.
إن بخار الماء سوف يصعد إلى الأعلى بفعل التيارات الهوائية ثم عندما يعجز التيار الهوائي عن حمل جزيئات البخار وبسبب درجة الحرارة المنخفضة يتكثف هذا البخار متحولاً إلى غيوم، والتي بدورها تقوم بإنتاج المطر.
إن ماء المطر سوف يسقط على المحيطات والأنهار والبحيرات، وقسم منه سوف يستخدمه النبات، أما القسم الباقي فيتسرب إلى الأرض ويسكن هنالك.والذي يسبب بقاء الماء في الأرض لفترات طويلة هو وجود منطقة لا يمكن للماء أن يتسرب منها وتسمى منطقة الاشباع zone of saturation ولولا وجود هذه المنطقة لذهب الماء عميقاً ولم يعد لديه القدرة على الصعود إلى السطح على شكل ينابيع .